الحراك الإخباري - بحرا و برا جايينك يا غزة!
إعلان
إعلان

بحرا و برا جايينك يا غزة!

منذ يوم|الأخبار


من باريس: سهيلة باتو 

صحفية و سينمائية 


أبحرت “مادلين” في اول جوان من ميناء كاتانيا في صقلية، وعلى متنها اثنا عشر شخصًا توحّدت إرادتهم على كسر الحصار البحري عن غزة، نقل مساعدة رمزية، وإرسال صرخة مدوية إلى العالم: لم يعد مسموحًا أن نصمت أمام الإبادة.

الأهداف والبعد السياسي

تخضع هذه المبادرة حتى الآن لصمت مطبق من الإعلام الغربي، وقد يسعى بعضهم لاحقًا لتشويهها. لكن رسالتها واضحة للغاية: فتح ممر بحري إنساني إلى غزة. و فضح الإبادة المستمرة أمام الرأي العام الدولي، ثم 

إنهاء الإفلات من العقاب الذي يغطي السياسة الاستعمارية الإسرائيلية.و اخيرا تعبئة ضمير الشعوب ومنع التواطؤ بالصمت.

“مادلين” ليست زورقًا عاديًا، بل هي فعل نضالي ينبض بالرمزية. في جوهر هذه المبادرة دعوة إلى فعلٍ جماعي يقول للعالم: لن نغضُّ الطرف بعد اليوم.

من على متن “مادلين”

ريما حسن (نائبة أوروبية فرنسية عن “اليسار المتقدّم”):

«لا أخشى الموت من أجل غزة.»

يانيس مهادي (صحفي في موقع “بلاست”).

عمر فياض (مراسل قناة “الجزيرة”).

باسكال موريراس (ناشط في اتحاد CGT).

ريفا فيار (معارضة مشروع الطريق السريع A69).

بابتيست أندريه (طبيب).

تضاف إليهم أصواتٌ من أنحاء العالم:

غريتا تونبرغ التي تعبّئ الشباب منذ خمسة عشر عامًا.

ألماني، وهولندي، وبرازيلي، وتركي، وإسباني… كلُّهم هتفوا بصرخة واحدة ضد الظلم.

دعمٌ إعلامي لافت من نجوم عالميين

رافق المبادرة من الشخصيات الشهيرة:

ليام كونينغهام (سير دافوس سيوورث في “Game of Thrones”) صرّح قبل انطلاق “مادلين”

"ضميري يرفض الصمت أمام هذا الاحتلال الذي يمرضني… لا أخشى أن أُقتل، لكن أخشى أن ننسى معنى الإنسانية. يجب أن نضع حدًّا للاحتلال وللإبادة.»

سوزان ساراندون وألانا حديد (شقيقة بيلا وجيجي حديد) استخدمتا منصاتهما للتضامن مع هذه المبادرة.

التهديد والاعتداءات السابقة

أعلنت البحرية الإسرائيلية “إغلاقًا أمنيًّا بحريًّا” حول غزة واستعدادها لاعتراض أي سفينة تعتبرها “معادية”. في رسالة إذاعية، حذّر الجيش: "أي اقتراب أو ابتعاد مشبوه سيُعدّ تهديدًا.”

في أبريل الماضي، تعرّض زورقٌ مماثل لأضرار، ويُرجّح أن تكون الطائرات المسيّرة وراء ذلك. وفي 2010، أسفرت محاولة أخرى عن مقتل عشرة نشطاء. ومع ذلك، أبحر ركاب “مادلين” على كامل وعيٍ بالخطر.

مخاطرةٌ مدروسة

يُدرك من على متن “مادلين” أنهم يخوضون مخاطرة عالية: اعتراضٌ أو إغراقٌ متعمّد وارد. كما تقول الدكتورة قسمت الناهل، الأخصائية النفسية المصرية:”هذه السفينة محمّلةُ بالحياةِ والشجاعةِ والضميرِ الإنساني؛ التزامٌ محفوفٌ بالمخاطر، وقبِلَهُ الركّابُ بوعيٍ كاملٍ.» اليوم، صار البحر مجرّد فضاءٍ للتحدّي، وميدانًا لرفع الصوت برغم كل القيود.

“مادلين”: رمزٌ للصمود

سُميّت السفينة باسم صيّادة غزاوية مقاومة، لتذكير العالم بأنَّ أهل غزة يواجهون الحصارُ يوميًّا من أجل لقمةِ خبزٍ واحدة، ومن أجل استرجاع كرامةٍ هُدِّمت.

و قد أطلقت الصحفية الجزائرية غانية موفق صرخةً مدوية: "لا تتركوهم وحدهم، هؤلاء الرجال والنساء الذين يغامرون بحياتهم ليقولوا للشعب الفلسطيني المحاصر: أنتم لستم لوحدكم. هناك من يسمعكم ويرى أن البقاء حيًّا في وجه كراهيةٍ مسلّحةٍ هو أسمى أشكال التضامن.»

كان هذا النداء خيطًا ناظمًا للرحلة؛ فـ”مادلين” ليست زورقًا بريئًا، بل ضميرٌ جماعي يرفض الظلم.

اما على اليابسة: تستعدُّ “المسيرة العالمية نحو غزة” في الوقت الذي تخترق فيه “مادلين” الأمواج،

تستعدُّ “المسيرة العالمية نحو غزة” للانطلاق من القاهرة في 12 جوان لتبدأ المشي الفعلي نحو غزة في 15 جوان، بمبادرة من الأطباء والناشطين والإنسانيين من شتّى القارات، ارتفعت الهتافات:

«أوقفوا الإبادة!

افتحوا الممرّات الإنسانية!

أنهوا الحصار والإفلات من العقاب!

حرّكوا ضمير العالم!»

هذه المسيرة ليست مجرّد تحرّكٍ على الخريطة، بل صرخةٌ في وجه آلة المجاعة والقتل. شعارها: "سِروا معنا، وافتحوا دروب الحياة لغزة.»

في وجه الجوع كسلاحٍ حربيّ، ومواجهة التدمير اليوميّ للبنى التحتية، ترسم هذه المبادرات—بحرًا وبرًّا—جبهةً عالميّة للمقاومة الشعبية.

الخاتمة

غزة ليست جرحًا يُبكى عليه

بل مرآة تكشف هشاشة هذا العالم

وتفضح الفجوة بين الأقوال والأفعال.

حين ننظر إليها، لا نبكيها فقط

بل نبكي ذواتنا كما انعكست على وجوهها، منهكةٍ ضائعة…نحن لا نموت تحت القنابل بل نختنق أخلاقيًا في صمتٍ يمتصُّنا ببطء كالاغتيال البطيء للروح، دون سقوط دماء، غير أن شيئًا فينا يموت يوميًّا.دخانٌ قاتم يتسلّل إلى أرواحنا لا يُرى، لكنه يخنق.

ولكن زفير هذا الزورق يحطّم الصمت ويخترق الضباب، يحرّر أنفاسًا مكبوتة،

ويشعل فينا نار المقاومة والأمل.

وحتى لو لم يصل إلى غزة، فإن أثرَهُ

شعلةُ ثورةٍ لا تنطفئ، وشهادة حيّة بأنَّ صوت الشعوب قد يهزّ عروش الأقوياء حين تُخمد الدبلوماسية.

تاريخ Jun 4, 2025